الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الريفي ضحية من ضحايا العصف المأكول

شظية في العنق جعلته طريح الفراش مدى الحياة


من الوهلة الأولى التي ترى فيها محمد نائما على سريره الموجود في مستشفى الوفاء للتأهيل الطبي يخيل لك أنه لن يستطيع التحدث معك ، وذلك لما يحيط به من أجهزة طبية مرافقة له طيلة حياته ، ولكن بعد استيقاظه على كلمات طبيبه المتابع لحالته "اصحى ياحمادة فيه ضيوف جايينك " يلتفت يمينا ويسارا ليرى من الزائر ، وبابتسامة خفيفة ينظر لك مرحبا بك بهزة رأس ، وبرغم سوء وضعه الصحي تتفا جئ بقدرته على التحدث والتواصل معك .محمد ناصر الريفي طفل " التسعة أعوام" إحدى ضحايا العدوان الأخير على غزة ، فقد سبعة أشخاص من عائلته بعد أن أطلقت عليهم طائرات الاحتلال بصاروخها الفتاك ، وسط قطعة الأرض الذي كانوا مجتمعين بها ليتسامرون ويقطفون بعض الثمار ليأكلوها ، ففقد محمد والده وشقيقه وعمه وأربعة من أبناء عمه الأخر ، وأصيب هو بعدة إصابات .كان الصاروخ الذي أطلق على محمد هو وعائلته قد أصابه بثلاثة شظايا اخترقت جسمه في أن واحد ، واحدة في الرأس وأخرى في الكبد ، والأخيرة كانت في العنق ، حيث أصابت الفقرة العنقية الثانية وأصيب حبله الشوكي بشلل رباعي جعله لا يحرك سوى رأسه وممددا على سريره الطبي في المستشفى طوال السنون المتبقية في عمره.يعي الطفل الريفي كل ما حوله ويفكر جيدا حيث أن دماغه سليمة ، ولكنه يعاني من شلل في عضلات التنفس مما يجعله في حاجة دائمة لجهاز التنفس الصناعي الموصول في رقبته ليتنفس عن طريقه طوال حياته ، بجانب جهاز يستخدم لإخراج ما يفرزه الجسم من إفرازات.بعد قذف قوات الاحتلال لصاروخها على عائلة الريفي حكمت على محمد أن يبقى طريح فراشه مدى الحياة ، لا يغادر المستشفى بتاتا ، وحرمته أصدقائه وعائلته ومدرسته وألعابه وهواياته الذي كان يمارسها وعلى رأسها كرة القدم ، فقضت على طفولته وأحلامه دون أي ذنب يذكر .ولكن محمد على رغم إصابته البالغة ، وشلله الكامل مازال يحلم في الحياة ويفكر في المستقبل وينظر للحياة نظرة تفاؤلية فيقول :" مش مشكلة إني أكون مشلول وما بقدر أتحرك ، هذا ما بمنعني من إني أكمل حياتي وأتعلم وأحقق أحلامي ". حيث يحلم محمد أن يكون مهندسا في المستقبل لكي يبني البيوت التي هدمها الاحتلال كما يقول :" بدي اطلع مهندس علشان ابني البيوت اللي دمروها اليهود ".
 




الصحفية أمل زياد عيد © 2010-2011 | ا جميع الحقوق محفوظة | تصميم وتطوير : حاتم عفانة